{فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}: فكيف تصرفون عن عبادة الله - تعالى - وحده.
{وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}: ولا يخدعنكم بالله الشيطان الخداع.
التفسير
3 - {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}:
يرى الإِمام ابن عباس أن المراد من الناس في الآية أهل مكة؛ لأن السورة مكية، وقد مرَّ في الآية السابقة الحديث عن كفارها، وسيأتي تكذيبهم للرسول في الآية التالية.
ويرى غيره أن المراد عموم الناس مؤمنهم وكافرهم، فكلهم مأمورون بتذكر نعمة الله وشكره عليها، وأهل مكة داخلون فيهم.
ونعمة الله بالنسبة لأهل مكة أنه - تعالى - أسكنهم حرمًا آمنًا، والناس يتخطفون من حولهم، وأنه يسوق الأرزاق إليهم وهم يسكنون في واد غير ذي زرع، وهم - بعد ذلك - يشتركون مع سائر الناس في نعم الله عليهم.
والمعنى: يأيها الناس تذكروا نعمة الله التي أنعم بها عليكم في خلقكم في أحسن الصور، ومنحكم نعمة العقل والكلام والقوة والإرادة، ومكنكم بذلك من استنباط منافع الأرض ظاهرها وباطنها، ومن الدفاع عن أنفسكم، والسعي على أرزاقكم، وأنزل الماء من السماء لترووا به أرضكم، فتخرج الزرع النضير والثمر الوفير، ومنه تشربون وتسقون ماشيتكم هل من خالق سوى الله يرزقكم من السماء والأرض ما به قوام حياتكم، وسبب وجودكم، وبقائكم، لا إله إلَّا هو الخلاق الرزاق، فكيف تُصْرفون عن توحيده والإيمان بما جاء به رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
4 - {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}:
وإن يكذبك مشركو مكة - أيها الرسول - فلا تحزن، فقد كُذِّبت رسل كثيرة قبلك من أُممهم - والبلوى إذا عمت هانت - وإلى الله وحده ترجع أمور الخلائق جميعا يوم الدين