التفسير
51 - {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ}:
كلام مستأنف يراد به حكايه أحوال الكفار حين يعرفون الحق معاينة وحضورًا؛ وذلك عند حضور الموت، أو حين بعثهم من قبورهم لحسابهم بين يدي رب العالمين.
والخطاب في قوله - تعالى -: {وَلَوْ تَرَى} إمَّا للرسول - صلى الله عليه وسلم - وإمَّا لكل من يصلح للخطاب.
والمعنى: ولو ترى الكفار عند الموت أو البعث من قبورهم، حين فزعوا وخافوا عاقبة كفرهم بعد أن أدركوا حقيقة أمرهم، فلا فوت لأحدهم ممَّا نزل به، وأخذوا من مكان قريب حيث أخذوا من ظهر الأرض إلى بطنها، أو من بطنها إلى المحشر، لو تراهم حين ذاك لرأيت أمرًا هائلًا.
والمقصود من وصف مكان أخذهم بالقرب سرعة نزول العذاب بهم، والاستهانة بهم، وبهلاكهم، وإلَّا فلا قرب ولا بعد بالنسبة إلى الله عز وجل.
52 - {وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}:
وقالوا: آمنا بالله وحده، أو بمحمد وما جاءنا به من الحق، وكيف يتأتى لهم تناول الإِيمان تناولًا سهلًا من مكان بعيد عن مكان التكليف فلا ينفع إيمانهم عند الموت؛ لأنه في حدود الآخرة، ولا عند البعث لفوات زمان التكليف ومكانه.
53 - {وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}:
هذه الآية جملة حالية من ضمير قالوا في الآية التي قبلها، أي: وقال الكفار: آمنا بالله أو بمحمد من مكان بعيد بعد فوات الأوان، وحالهم أنهم قد كفروا به من قبل - أي: زمن التكليف - وهم أحياءٌ في الدنيا، ويرجمون بالظن ويتكلمون بما لم يظهر في الرسول من المطاعن من موضع بعيد عنه - صلى الله عليه وسلم - إن هذا الإيمان لا ينفعهم بعد فوات الأوان وتبدل المكان.