حول الكعبة فجعل يطعنها بطرف قوسه وهو يقرأ: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} و {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} أخرجه البخاري ومسلم عن ابن مسعود.
50 - {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ}:
سبب نزول هذه الآية - كما ذكره القرطبي - أن المشركين قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: تركت دين آبائك فضللت، فنزلت الآية.
وقد أفادت أن ضلال الإنسان يعود ضرره عليه؛ لأنه باختياره، حيث لم ينتفع بهدي ربه، وأن اهتداءه تعود منفعته عليه؛ لأنه انتفع بهدى ربه، وهذا الحكم عام لكل مكلف وإنما أمر الله رسوله أن يسنده إلى نفسه، إما رعاية لسبب النزول؛ لتكون ردًّا على ما قاله له المشركون، وإمَّا لأن الرسول مع جلالة قدره عند الله، إذا كان الحكم بقسميه يتناوله - صلى الله عليه وسلم - فإنه يتناول غيره بالطريق الأَولوي، والتقابل بين شقي الآية يرجع إلى المعنى، فكأنه قيل: قل: إن ضللت فإنما أضل على نفسي، وإن اهتديت فإنما هدايتي لنفسي.
واختير الأُسلوب الوارد في الآية لما فيه من إسناد فضل اهتدائه - صلى الله عليه وسلم - إلى ما أوحاه الله إليه.
ومعنى الآية: قل - أيها الرسول -: إن ضللت عن الحق، فإنما يعود وبال ضلالي على نفسي، فإن النفس أمارة بالسوء، وإن اهتديت إلى الحق فبسبب ما أوحاه إليَّ ربي وتوفيقه إياي للانتفاع به، إنه - تعالى - عظيم السمع لكل مسموع، قريب بعلمه من كل معلوم، فلا يخفى عليه ضلال الضالين، ولا اهتداءُ المهتدين، وسوف يجازى كل امريء بما كسبت يداه.