في الأرض كان: باثارة الفتن بين المسلمين، وإفشائهم أسرار المسلمين للكفار ة وتحريض
الجميع -مسلمين وكفارا- على الحروب.
وقد كانت الأرض قبل مبعث النبي مليئة بالفساد وبالمعاصي، فلما بعث النبي -صلى الله عليه وسلم - عمل على إزالة هذا الفساد، والقضاء على العصبيات الجاهلية. وبذلك تهيأت
الأرض للصلاح باستقامة المجتمعات الصالحة عليها، فلما جاءَ المنافقون، وكان من آثارهم
إحياء الفتن بين الناس- قيل لهم: {لاَ تُفْسِدُوا في الأرْضِ}، أى بعد إصلاحها بالتعاليم
الإسلامية، فكان جواب النافقين مبنيا على مغالطة كاذبة. إذ قالوا: {إنمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ}:
أَى: نحن مقصورون على الأصلاح، ولا نعرف الإفساد، فكيف ننهى عنه مع أننا لم نفعله؟.
وإنما قالوا ذلك، لأنهم صوروا الإفساد إصلاحا، لمرض قلوبهم، على حد قوله تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا} (?).
12 - {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ}:
هذا هو الرد على دعواهم. وهو أَبلغ رد لما فيه من {ألاَ}، المنبهة و {إنَّ} المؤَكدة، وتعريف الخبر {الْمُفْسِدُونَ}. وتوسيط ضمير الفصل {هُم}. ونفى اليشعور والادراك عنهم لفساد عقولهم، فصاروا لا يميزون بين الخبيث والطيب، ولا يشعرون بالفروق ببن الفاسد والصالح.
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13)}
التفسير
13 - {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ ... }: الآية.
نُصِحُوا في الآية السابقة بترك الإفساد، وهنا، نصحوا بتحقيق إيمان سليم من النفاق.