وهذا ما يقال للملائكة - عليهم السلام - من قبل الله عند جوابهم بالتبرؤ عما نسبه إليهم المشركون، يخاطبون بذلك على رءوس الأشهاد إظهارًا لعجزهم وقصورهم أمام زاعمي عبادتهم، وتنصيصًا على ما يوجب خيبة رجاء العابدين فيهم.
وقيل: إن نسبة عدم النفع والضر إلى البعض المبهم للمبالغة فيما هو المقصود الذي هو بيان عدم نفع الملائكة للعبدة بنظمه في سلك عدم نفع العبدة لهم، كأَن نفع الملائكة لعبدتهم في الاستحالة والانتفاء كنفع العبدة لهم.
والمراد باليوم يومُ القيامة، وتقييد الحكم به مع ثبوته على الإطلاق، لانعقاد رجاء المشركين على تحقق النفع يومئذ {وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} وهم المشركون حيث ظلموا أنفسهم بعدم الإِيمان: {ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} في الدنيا، يقال لهم ذلك توبيخًا وتقريعًا.
{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (43) وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44) وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ}