التفسير
69 - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا}:
بهذه الآية الكريمة يرشد الله المؤْمنين، وينهاهم عن أَن يتشبهوا بقوم موسى غلاظ القلوب الذين آذوا وأهانوا رسول الله موسى - عليه السلام - ورموه بشتى أَنواع النقائص فنسبوا إليه السحر والجنون ولطخوه بالزنى، وأَشاعوا عنه أَنه قتل أخاه هرون؛ لأَنهم كانوا يحبونه ويؤْثرونه للين جانبه معهم وحدة موسى عليهم، فأَظهر الله - سبحانه - براءة موسى مما نسبوه إليه، وأَبان ظلمهم له وحيفهم عليه، فدمغهم بالكذب والافتراءِ، وقرر أن موسى عليه السلام رفيع القدر لديه، عظيم المنزلة عنده، صنعه على عينه، ورعاه رضيعًا وآثره بالآيات البينات التسع، وناداه من جانب الطور الأيمن، وقربه وناجاه، واتخذه كليمًا، فحقا كان عند الله وجيهًا ذا منزلة رفيعة وجاه عريض، قيل: نزلت فيما كان من أَمر المنافقين في شأْن تزوجه - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش، حيث قالوا: تزوج زوجة من تبناه، فآذوه مما قالوا مع أَنها ابنة عمته، ولو أراد لتزوجها بكرًا، ولكن زيدًا طلقها باختياره، وأَمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بنسخ عادة التبني وآثارها، وأن يتزوج طليقة زيد متبناه، تأْكيدًا لنسخ أحكام التبني.
70 - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}:
ينادي الله عباده بأحب صفة لهم - وهي الإيمان بالله - يناديهم آمرًا لهم أَن يكونوا في وقاية وحفظ من غضب الله وعقابه، فلا يقربوا معصية، ولا يفرطوا في طاعة، مداومين على التمسك بالتقوى، ليكونوا في رعاية الله وعنايته {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} (?).
ثم يأْمرهم أَن يقولوا القول الصواب، يوجهونه ويقصدون به وجه الحق، ولا يعدلون به إلى القول الباطل الجائر، لا يشركون مع الله أَحدًا، ولا يخشون في الحق لومة لائم.