قبل نزول هذه الآية تكشف عن وجهها وتبْرز في درع وخمار (?) كالإِماءِ فيعرض لهن بعض الفجار يظن أَنها أَمة، فتصيح به فيذهب، فشكوا ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت الآية بسبب ذلك. قال معناه الحسن وغيره. ولفظ النِّساء خَصَّهُ العرف بالحرائر.
والمعنى الإجمالي للآية: مُرْ - أيها النبي - أَزواجك وبناتك ونساءَ المؤمنين، أن يسدلن عليهن بعض جلابيبهن.
واختلف في كيفية هذا السِّتر، فقال السّدي: تغطي إحدى عينيها وجبهتها والشق الآخر إلَّا العين، وقال علي بن أَبي طلحة عن ابن عباس: أَمر الله نساءَ المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أَن يغطين وجوههن من فوق رءُوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة. وقال الحسن: تغطي نصف وجهها. وقال محمد بن سيرين: سأَلت عبيدة السلماني، عن قول الله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} فغطى وجهه ورأْسه وأَبرز عينه اليسرى.
وظاهر الآية أنها محمولة على طلب تستر تمتاز به الحرائر عن الإِماءِ. فيعلم به أنهن حرائر، فلا يتعرض لهن فاسق بأَذى ولا ريبة، ويشير إلى ذلك قوله - سبحانه -: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} أي: ذلك أَقرب وأَجدر أن يُعْرَفنَ لتسترهن أَنهن حرائر، فإذا عرفن فلا يتعرض لهن، وتنقطع الأَطماع عنهن، وليس المراد أَن تعرف المرأَة حتى تعلم من هي؟ وكان عمر - رضي الله عنه - إذا رأَى أَمة قد تقنعت ضربها بالدرة محافظة على زي الحرائر.
{وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} أَي: كثير المغفرة، فيغفر ما سلف منهن من تفريط فيما أُمرن به من الستر المطلوب، كما أَنه سبحانه كثير الرحمة فيثيب من امتثل منهن أَمره بما هو أَهله - جل شأْنه -.