{فَإِذَا طَعِمْتُمْ} أي: أَكلتم، ويطلق الطعام على كل ما يساغ حتى الماء، وفي العرف: الطعام لما يطعم، والشراب لما يشرب، وطعم من باب تعب.
{وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ} أي: ولا مسرورين به، ومستمتعين.
{فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ} أي: يترككم حياءً من تنبيهكم.
{وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا} والمتاع: هو كل ما ينتفع به كالطعام والثياب وأَثاث البيت وغيرها.
{مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}: وهو الساتر؛ لأَنه يمنع من المشاهدة، والأصل في الحجاب: جسم حائل بين جسدين، وقد استعمل في المعاني، فقيل: المعصية حجاب بين العبد وربه، والجمع: حُجُب ككتاب وكُتُب.
التفسير
53 - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ ... } الآية:
شروع في بيان ما يجب على الناس مراعاته من حقوق نساءِ النبي - عليه الصلاة والسلام - وحقوقه وهو في بيوته - صلى الله عليه وسلم - إثر ما يجب عليه - صلى الله عليه وسلم - مراعاته من الحقوق المتعلقة بأَزواجه.
والآية تتضمن أَمرين: أَحدهما الأَدب في الحضور للطعام والجلوس بعده، والثاني يتعلق بأَمر الحجاب لزوجاته - صلى الله عليه وسلم -.
فأَما الأَوَّلُ فسببه كما قال ابن عباس: أَن أُناسًا من المؤمنين كانوا يتحينون طعام النبي - صلى الله عليه وسلم - فيدخلون قبل أن يدرك الطعام، فيقعدون إلى أن يدرك، ثم يأْكلون ولا يخرجون، وقال إسماعيل بن أبي حكيم: وهذا أدب أدَّب الله به الثقلاء.
وعند أَكثر المفسرين: أَن سببه ما وقع يوم أَن تزوج - عليه الصلاة والسلام - زينب بنت جحش. أخرج الإِمام أحمد، والبخاري، ومسلم، والنسائي، والبيهقي