بعد انقضاءِ عدتها، وجاءَ بهذه الآية المباركة لتبين للمؤمنين حكم الزوجة التي تطلق قبل الدخول بها، وقد أَفادت هذه الآية أن المرأة إذا عقد عليها وطلقت قبل الدخول بها فلا عدة عليها، وهذا حكم أجمعت عليه الأُمة.
وهذه الآية مخصصة لعموم قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (?) فأصبح حكمها قاصرًا على المدخول بهن، كما أنها مخصصة لعموم قوله تعالى: " {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ} (?) فأصبح حكمها قاصرًا على المدخول بهن كسابقتها.
والنكاح مختلف في معناه لغة، فقيل: حقيقة في العقد مجاز في الوطءِ، وقيل: العكس، وقيل: مشترك بينهما، ولم يرد في كتاب الله إلاَّ بمعنى العقد غالبًا، ومن آداب القرآن الكناية عن الدخول بالمماسة أو الملامسة، أو القربان أو الغشيان أو الإتيان.
والطلاق المعلق بالنكاح كقوله لامرأة: إن تزوجتك فأنت طالق لا يقع قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا طلاق قبل نكاح" وبهذا قال نيف وثلاثون من الصحابة والتابعين والأَئمة - كما قال القرطبي -، وقال جماعة من أهل العلم يقع طلاق المعينة بشخصها أو قبيلتها أو بلدها، وممن قال بذلك: مالك وأصحابه، والأَول هو الحق.
وقد جاءَ في الآية طلب المتعة لمن طلقت قبل الدخول، وإنما تجب إذا لم يفرض لها صداق فإن فرض لها صداق، فلا يجب لها سوى نصفه، لقوله تعالى - في سورة البقرة: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}.
ومن العلماء من جعلها عامة للمطلقة قبل الدخول، فرض لها صداق أو لم يفرض، لإطلاقها في الآية، والأرجح أنها مستحبة للمفروض لها صداق واجبة لمن لم يفرض لها (?).