وقد أَفادت هذه الآية أَنه لا نبي بعده - صلى الله عليه وسلم - بإجماع المسلمين خلفًا عن سلف، ولصراحة الآية لم يستطع المارقون أَن يدعوا النبوة، بل ادعى بعضهم الرسالة كالبهاءِ، وهذا إفك وكفر مبين، فإِنه إذا كان لا نبي بعده فلا رسول بعده بطريق الأولى؛ لأَن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة، فإِن كل رسول نبي ولا عكس، وقد وردت الأَحاديث متواترة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنه لا نبى بعده، أخرج البخاري ومسلم بسنديهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن لي أَسماءً: أَنا محمَّد وأَنا أحمد وأَنا الماحى الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمى، وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي ولم يبق من النبوة إلاَّ الرؤيا الصالحة"، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزءٌ من ستة وأَربعين جزءًا من النبوة" (?) ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "ليس يبقى بعدي من النبوة إلاَّ الرؤيا الصالحة": وقد روى الإِمام مسلم بسنده عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مثلي ومثل الأَنبياءِ كمثل رجل بني دارًا فأَتمها وأكملها إلاَّ موضع لبنة، فجعل الناس يدخلونها ويتعجبون منها ويقولون: لولا موضع اللبنة. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فأَنا موضع اللبنة، جئت فختمت الأَنبياءَ" ونحوه عن أبي هريرة، غير أَنه قال: "فأَنا اللبنة وأَنا خاتم النبيين"، وروى الإمام أَحمد بسنده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الرسالة والنبوة قد انقطعت، فلا رسول بعدي ولا نبي" - قال أنس: فشق ذلك على الناس - قال: قال: ولكن المبشرات، قالوا: يا رسول الله وما المبشرات؟ قال: "رؤيا الرجل المسلم، وهي جزءٌ من أَجزاءِ النبوة".

ولم يقصد بهذه الآية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس له أبناءٌ، فقد ولد له: إبراهيم والقاسم والطيب والمطهر (?)، ولكن لم يعش له أحد منهم حتى يصير رجلًا، وأما الحسن والحسين فكانا طفلين ولم يكونا رجلين معاصرين له (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015