تقوى لله، وأبعدهم عن طاعة الكافرين والمنافقين، وإنما أمره الله بذلك تأييدًا له في موقفه منهم، وتثبيتًا له في مواجهة الكافرين والمنافقين، لكي ييئسوا من موافقته لهم بعد أن تلقى هذا الأمر من مولاه - جل وعلا - كما أن فيه أمرًا ضمنيًا للمؤمنين بذلك، فإن النبي إمام أُمته، فإذا كان الله قد أمره بذلك - وهو من التقوى والبعد عن طاعة الكافرين والمنافقين بالمحل الأرفع - فغيره من أمته أولى بذلك.
والتقوى - كما قال طَلْقُ بن حبيب -: أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله وأن تترك معصية الله على نور من الله مخافة عذاب الله - ذكره القرطبي.
والمعنى الإجمالي: للآية: يا أيها النبي دُمْ على ما أنت عليه من تقوى الله وعدم طاعة الكافرين والمنافقين، فيما يعود على الدين بالضعف، وازدد في ذلك قوة على قوة، وليقتد بك المؤمنون في امتثال أمر الله ونهيه، إن الله كان - منذ الأزل ولا يزال - واسع العلم بالمصالح والمفاسد، عظيم الحكمة، فلا يكلفكم إلا ما تقتضيه الحكمة، مما يعود عليكم بالخير في الدنيا والآخرة.
وبين الله لنبيه سبيل التقوى فقال:
2 - {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}:
أي: واتبع في كل ما تأتي به أو تتركه من أمور الدين والدنيا ما يوحى إليك من ربك من الآيات والأحكام التي من جملتها ما جاء بالآية الكريمة السابقة، وليقتد بك المؤمئون في ذلك، إن الله كان بما تعملون خبيرًا، فيرشدكم إلى ما فيه صلاح أعمالكم وحسن المثوبة عليها.
3 - {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}:
واعتمد على الله - تعالى - في القيام بأعباء الوحي وتكاليفه، وكفى بالله موكولًا إليه الأمور كلها، فلا تهمنك معاصاة الكافرين ومناوأتهم، فإن الله ناصرك ومؤيدك.