والمعنى: الله - سبحانه - شأنه أنه يبدأ الخلق وينشئه من العدم - كما تعلمون أيها الكافرون - ثم يعيده بعد فنائه، ثم إلا حسابه وجزائه ترجعون وتبعثون، فلماذا تكفرون وتنكرون؟ أليس من قدر على الإبداع والاختراع فهو قادر على الإعادة بعد الفناء؟
12 - {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ}:
اختلف المفسرون في تفسير معنى الإبلاس، فمنهم من فسره باليأس، كابن عباس، وهو المراد من حديث: "أنا مبشرهم إذا أُبلسوا" أي: ذا يئسوا، ومنهم من فسره بالسكوت وانقطاع الحجة، ومنهم من فسره بالحزن الناجم عن شدة اليأس، والحق أنها معان متقاربة وليس بينها تناف.
والمعنى: ويوم يقوم الناس لرب العالمين في الساعة التي حددها للقيامة - يومئذ - ييأس المجرمون من النجاة ويتحيرون، وقد انقطعت حجتهم وصمتت ألسنتهم، ولفّهم الحزن من كل جانب.
13 - {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ}:
ولم يكن لهؤلاء المجرمين من آلهتهم التي عبدوها شفعاء ينقذونهم من سوء مصيرهم، كما كانوا يزعمون في دنياهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} وكانوا بشركائهم يومئذ كافرين.
والتعبير عمَّا سوف يحدث يوم القيامة - وهو مستقبل - بصيغة المضارع التي دخلت عليه (لم) في قوله: {ولَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ} فحولته إلى المضى، وبصيغة الماضي في قوله: {وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ} للإيذان بأنه واقع ولابد، فكأنه وقع فعلا وأُخْبر عنه.