في الفحش، وهي إتيان الرجال شهوة من دون النساء. وقرأ الجمهور: أئنكم على الاستفهام الإنكاري.

وقوله - تعالى -: {مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} حكايته لقول لوط - عليه السلام - مسوق لتقرير كمال قبحها، ببيان إجماع جميع العالمين قبلهم على التحاشي عنها لكونها ممَّا تشمئز منه النفوس، وتنفر من شناعته الطباع، وأنها جريمة نكراءُ، ابتدعوها ولم يُسبقوا إليها من أحد من بني الإنسان.

29 - {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَر} الآية.

أي: إنكم لتنكحون الرجال انتهاكًا لحرمات الله، وتقطعون الطريق بسبب حمْلِ الغرباء والمارة على تلك الفعلة الشنعاء، وإتيانهم كرهًا، أو: وتقطعون طريق النسل بالإعراض عن الحرث وإتيان ما ليس بحرث، أو: وتقفون في طريق الناس تقتلونهم، وتأخذون أموالهم وقد بلغ بهم التمادى في اقتراف كل قبيح أنهم كانوا يأتون في مجتمعهم كل أنواع المنكر، من اللواط وغيره.

أخرج أحمد والترمذي وحسنه، والحاكم وصححه، والطبراني والبيهقي في الشعب وغيرهم عن أُم هانيء بنت أبي طالب قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله - تعالى -: {وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَر} فقال: "كانوا يجلسون في الطريق فيقذفون أبناء السبيل، ويسخرون منهم"، وعن مجاهد ومنصور والقاسم بن محمَّد وقتادة وابن زيد: هو إتيان الرجال في مجالسهم يرى بعضهم بعضا.

ولما وقفهم لوط - عليه السلام - على قبائحهم أجابوه بما حكاه الله عنهم بقوله: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}: أي فيما تعدُنَا به من نزول العذاب، تكذيبًا له وسخرية به فيما نهاهم عنه وأوعدهم بنزوله.

وهذا الجواب صدر عنهم في المرة الأولى من مراتب تبليغ لوط - عليه السلام - وما في سورة الأعراف المذكور في قوله - تعالى -: {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ} (?)، وما في سورة النمل المذكور في قوله - تعالى -: " {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُم} .. (?)، فقد صدر بعد هذه المرة، وذلك لأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015