عليه وقالوا: {لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى} ثم كفروا به وبموسى، فكانوا على عكس قوم أجانب من أهل الكتاب، حيث آمنوا بما جاءَه من الحق، وقالوا: إنه الحق من ربنا، ثم صرحوا بتقادم إيمانهم به، وأشاروا بذلك إلى إيمانهم بنبيِّهم وبما جاء به أيضًا، وذلك فيما حكاه الله بقوله: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ} إلى قوله {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ} (?).

وقال ابن كثير: قد ثبت في الصحيحين أنها نزلت في أبي طالب عم النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قال الزهري: حدثني سعيد بن المسيب عن أبيه - رضي الله عنه - قال: لما حضرت أبا طالب الوفاةُ جاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمَيَّة ابن المغيرة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عم، قل: لاَ إله إلاَّ الله، كلمة أحَاجُّ لك بها عند الله" فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أُمَيَّة: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرضها عليه -، وَيَعُودان له بتلك المقالة، حتى كان آخر ما قال هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلاَّ الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عن ذلك"، فأنزل الله - تعالى -: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} (?). وأُنزل في أبي طالب: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} وخالف في ذلك الشيعة، وقالوا بإيمانه، وادعوا إجماع أئمة أهل البيت على ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015