{إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ}: إذ عهدنا إليه وأحكمنا أمر نبوته بالوحى.
{الشَّاهِدِينَ}: الحاضرين للوحى من جملة السبعين المختارين للميقات.
{أَنْشَأْنَا قُرُونًا}: خلقنا بين زمانك وزمان موسى قرونا كثيرة.
{فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ}: تمادى وتباعد عليهم الزمن.
{ثَاوِيًا}: مقيمًا. {الطُّورِ}: الجبل. {لِتُنْذِرَ}: تخوف وتحذر.
التفسير
44 - {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ}:
هذه الآية وما بعدها شروع في التنبيه إلى نبوة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - وفي بيان أن إنزال القرآن واقع في زمان مساس الحاجة إليه، واقتضاء الحكمة له البتة. وقد صدر بتحقيق كونه وحيا صادقا من الله - عَزَّ وَجَلَّ - ببيان أن الوقوف على ما تناول من أخبار، وما فصَّل من أحوالا لا يتسنى إلاَّ بالمشاهدة أو بالتعلم ممن شاهدها على أُسلوب قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ}.
والمعنى: وما كنت بجانب الجبل الغربى، أو المكان الغربي الذي وقع فيه الميقات {إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ} وعهدنا إليه، وأحكمنا أمر نبوته بالوحى وإنزال التوراة، وما كنت من جملة الشاهدين الحاضرين الوحى، وهم السبعون المختارون للميقات، المنوه عنهم بقوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا} ما كنت من الشاهدين ذلك حتى تشاهد ما جرى من أمر موسى ونزول ألواح التوراة عليه فتخبر بذلك.
ويصح أن يكون المعنى: وما كنت من الشاهدين بجميع ما أعلمناك من شأن موسى، وأخبرت به فهو نفي لشهادته - عليه الصلاة والسلام - جميع ما جرى لموسى فكان عموما بعد خصوص.
45 - {وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوعَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ}:
هذه الآية استدراك لتأكيد المعنى السابق في الآية قبلها.