أما على قراءة تكلمهم فهي من: الكَلْم بمعنى الجَرْح، ولا منافاة بينها وبين قراءة جمهور القراء، فإنها تكلِّمهم بما يسوءُهم ويجرحهم، لانغماس معظم الناس في الضلال في آخر الزمان.
وقد جاء في وصف هذه الدابة آثار متباينة، فلهذا أمسكنا عن ذكرها، وحسب القارئ أن يعلم أنها من علامات الساعة، فلابد أنها شيء هائل يفوق الوصف، وأنها تخرج لإِقامة الحجة على الكافرين، وتثبيت المؤمنين، وإغلاق باب التوبة أمام الملحدين.
ومعنى الآية:
وإذا قرب وقوع ما قلناه على الكافرين من قيام الساعة وعقابهم على كفرهم، أَخرجنا لهم من الأرض دابة عظيمة هائلة، تكلمهم بما يفهمونه عنها، فتوبخهم على كفرهم وتنعى عليهم أنهم قبل خروجها كانوا بآيات الله وبراهينه لا يصدقون ولا يستيقنون، وأنه قد حان ميقات فنائهم وقيامهم لرب العالمين". لحسابهم وعقابهم على ما كانوا يعملون.
83، 84 {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ (?) يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83) حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}:
هاتان الآيتان للتذكير بما يحدث للكافرين بعد حشرهم من التوبيخ على كفرهم بآيات الله، قبل الحكم عليهم بالعذاب المقيم، والمراد من الحشر هنا: هو الحشر يوم القيامة. والمعنى: واذكروا يوم نجمع من كل أُمةِ نبيٍّ جماعةً كثيرة هم الذين يكذبون بآياتنا، فهم يدفعون ويساقون إلى المحشر الذي يجتمع فيه الخلائق، ويحبس أول الكافرين على آخرهم، حتى يتلاحقوا ويجتمعوا في موقف التوبيخ والمساءلة من المحشر، حتى إذا جاءُوه قال الله تعالى - موبخًا لهم -: أكذبتم بآياتى التشريعية، والتكوينية بادئ الرأى، غير ناظرين فيها نظرًا يجعلكم تحيطون بها علمًا ويدفعكم إلى الإيمان بربوبيتى ووحدانيتي، أَم ماذا كنتم تعملون بعقولكم في هذه الآيات البينات، حتى وصل بكم التفكير فيها إلى هذا التكذيب الذي أبعدكم عن الحق المبين؟