- من الكلام - وقرأَ الكوفيون: {تُكَلِّمُهُمْ} - بفتح التاء وسكون الكاف وكسر اللام - من: الكلْم وهو الجرح، وسيأْتي بيان ذلك في الشرح. {فَوْجًا} أي: جماعة.
{مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا} المراد بالآيات: إما القرآن، أو ما يعمه وسائر الآيات، ممَّا أقامه الله في الأنفس والآفاق.
{أفهُمْ يُوزَعُونَ} أي: فهم يحبس أَولهم على آخرهم ويكفون، ليتلاحقوا، يقال: وزعه، أي: كفه، وهو من باب وَضع يضع، وفسره ابن عباس بقوله: فهم يدفعون، وفسره ابن زيد بقوله: فهم يساقون، وهي معان متقاربة.
{وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا} أي: حل بهم العذاب الموعود بسبب ظلمهم.
التفسير
82 - {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ}:
بين الله في الآيات السابقة إنكار قريش للبعث بقولهم: {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (?) وذكر أنه - تعالى - سوف يقضى بينهم بحكمه، وسلَّى نبيه عن تكذيبهم إياه، بأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يُسْمع الموتى ولا يسمع الصم الدعاء إذا ولَّوا مدبرين، وأنه لا يهدى هؤلاء العمى عن ضلالتهم، وجاءَت هذه الآية والآيات التي بعدها لتأكيد مجىء الساعة وقضاءِ الله عليهم بما يستحقون من العذاب الهون.
والمزاد بوقوع القول عليهم: قرب نزول العذاب الموعود بهم في نحو قوله تعالى: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (?) وذلك عندما يصير الناس إلى حد لا تقبل توبتهم، ولا يولد لهم ولد مؤمن، فحينئذ تقوم الساعة - كما ذكره الإِمام القشيري - وفي معناه ما روى عن حفصة بنت سيرين أنها قال: سألت أبا العالية عن قول الله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ ... } الآية، فقال: أوحى الله إلى نوح أنه: {لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} قالت حفصة: وكأنما كان على وجهي غطاءٌ فكشف،