والطمسة: جعل أبواب رزقهم حجارة، والجيب: فتحة القميص من جهة الصدر وهي مدخل الرأْس فيه، كما تقدم في بيان المفردات.
ومعنى الآية: وأدخل يدك في فتحة قميصك من جهة الصدر، وأَخرجها تخرج بيضاءَ ساطعة تتلألأ كأنها قطعة من القمر من غير سوءٍ حل بها، وهاتان الآيتان في جملة تسع آيات واضحات أُؤيِّدك بهن وأَجعلهن براهين على صدقك في دعواك الرسالة عنا إِلى فرعون وقومه، فإِنهم كانوا قومًا فاسقين خارجين عن طاعتنا والإيمان بنا، مع أن يوسف قد دعاهم إِلى الحق من قبلك، ولهم عقول لو فكروا بها في آياتنا لهدتهم سواءَ السبيل.
13 - {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ}:
أَي: فلما جاءَهم موسى مؤَيَّدًا بآياتنا المعينة على التبصر والهدى، قالوا - معرضين عن التأمل والانتفاع بها -: هذا الذي جئتنا به سحر واضح.
ولما كان الذي قالوه مخالفًا لما وقر في نفوسهم، عقب الله مقالتهم هذه بقوله:
14 - {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}:
أَي وكذب قوم موسى بالآيات التي أَيده الله بها مع تمام وضوحها، وقد استيقنتها أنفسهم وآمنت بها قلوبهم، وكان إنكارها بألسنتهم ظلما منهم للحق ولأنفسهم، وتعاليًا عليه وعلى من جاءهم به من عند ربه، فانظر - أَيها المتأمل - كيف انتهت إِليه عاقبة المفسدين حيث أغراهم الله بالدخول في الطرق التي شقها لبني إِسرائيل في البحر، وأغرقهم جميعًا فيه بعد انتهاءِ عبور بني إِسرائيل، فبئس مصير المتجبرين.