يا بنى عبد شمس: أَنقذوا أنفسكم من النار. يا بنى عبد المطلب: أنقذوا أَنفسكم من النار. يا فاطمة: أَنقذى نفسك من النار، فإِنى لا أَملك لكم من الله شيئًا، غير أن لكم رَحِما سأبُلُّها بِبَلالها" (?).
ويؤخذ من الحديث أن القرب في الأنساب لا ينفع مع البعد في الأَسباب، وأَنه لا مانع من أَن يصل المؤمن الكافر وأن يقدم له النصيحة والإرشاد، وفي ذلك يقول الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (?).
ثم أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالتواضع ولين الجانب، وإِحسان المعاملة مع من اتَّبعه وصدَّق به وذلك في قوله تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أَي: وأَلن جانبك للذين آمنوا بك إِيمانًا حقيقيا من عشيرتك الأَقربين ومن غيرهم، ومِنْ للبيان.
216 - {فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ}:
أَي: فإِن أَعرضت عنك عشيرتك الأقربين ولم يتبعوك بعد إِنذارهم، فقل لهم: إنِّي برىء من عملكم الشامل لاتخاذكم مع الله إلهًا آخر، والمراد بهم: من تمسك بالشرك من عشيرته الأَقربين مع إنذارهم، والمراد من براءته - صلى الله لجه وسلم - من عملهم: أَنه ليس مسئولًا عنه، وإنما يسأَل عنه صاحبه، وذلك قبل أَن يؤمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بجهاد المشركين كافة.
217 - {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ}:
أي: وفوض أَمرك إليه - سبحانه وتعالى - فإِنه القادر بعزه وسلطانه على قهر أَعدائه، ونصر أوليائه.
قال الجنيد رحمه الله: التوكل، أن تقبل بالكلية على ربك، وتعرض بالكلية عما دونه فإن حاجتك إليه عزٌّ وتَعَال في الدارين.