قال فرعون مستنكرا ما قاله موسى ومستهزئا به: ما هذا الذي تزعم أنه رب العالمين غيرى؟ وقد كان فرعون يدعى أنه ليس هناك إله غيره.
{مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} (?) ولكن نبي الله موسى رد عليه بما حكاه الله بقوله:
24 - {قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ}:
قال موسى لفرعون ردًّا على استفهامه: رب العالمين هو رب السموات وما فيهن من الكواكب الثوابت. والسيارات النيرات، ومن الأرض وما فيها من بحار وقفار وجبال وأشجار، وحيوان ونبات وثمار، وما بينهما من الهواء والطير وما سوى ذلك مما لا نشاهده ولا ندركه، كل ذلك مربوب لله خاضع لسطانه - سبحانه - {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} (?).
{إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ}: أي إن كانت لكم قلوب صالحة لليقين، وبصائر نيرة تهدى إلى الصراط المستقيم، أو إن كنتم موقنين بشيء من الأشياء فهذا أولى بالإيقان لظهوره ووضوح دليله؛ لأن الله - سبحانه - له في كل شيء آية تدل علية وترشد إليه:
وفي كل شيء له آية ... تدل على أنه الواحد
فما يدعيه فرعون من الألوهية محض كذب وافتراء؛ فليس في قدرته أن يخلق شيئًا.
25 - {قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ}:
قال فرعون لمن حوله من وجوه القوم وأشرافهم وأعيانهم وعليتهم الذين حضروا وشهدوا هذا الحِجَاجَ: {أَلَا تَسْتَمِعُونَ} لي قول موسى الذي يدعو إلى العجب ويبعث على السخرية والاستهزاه، وذلك بادعائه أن هناك إلها غيرى وربا سواى؟.
وإيراد فرعون كلامه على هذا النحو ليهوِّن من شأن موسى، وينال منه، وذلك منعا لقومه أن يميلوا إلى موسى وينعطفوا نحوه ويعاضدوه.