عذاب البدن عذاب الروح، وتلوم إِقامته في هذا العذاب أَبدا إِن ضم إِلى فعل هذه المعاصي الكفر كما يشعر به قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ ... } الآية.
70 - {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا ... } الآية.
أَي: أَن من رجع عن كفره وأَقلع عن إِشراكه وآمن إِيمانا صادقا لا غش فيه ولا نفاق - من تاب وآمن - من هؤلاءِ وأُولئك وأَتبغ إِيمانه بالعمل الصالح، وداوم كل فعل المأْمورات، وترك المنهيات، والاستزادة من عمل الخيرات، واستباق المحامد والفضائل، فأُولئك يتجلى الله عليهم بفيض رحمته، فيبدل سيئاتهم حسنات، بأَن يمحو سوابق معاصيهم بالتوبة، ويثبت مكانها لواحق طاعاتهم، أَو يبدّل سبحانه ملكة السيئات ودواعيها في النفس بملكة الحسنات.
{فَأُولَئِكَ (?) يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}:
أي: فأُولئك الموصوفون بالتوبة والإِيمان والعمل الصالح يبدل الله سيئاتهم حسنات، وكان الله عظيم المغفرة كريم العفو، واسع الرحمة بعباده يتفضل بإِثابة الطائعين وقبول توبة التائبين.
71 - {وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا}:
ترتبط هذه الآية بالآية التي قبلها ارتباط العموم والخصوص، فالآية الأُولى في خصوص التوبة عن الكفر والكبائر والمعاصي المذكورة فيها، وهذ الآية في عموم التوبة الشاملة لتوبة عصاة المؤمنين.
والمعنى: كل من تاب إلى الله، وأَخلص في الرجوع إِليه وأَقلع عن فعل المعاصي كلها وندم على ما فرط في جنب الله، وعلى تقصيره في تحصيل طاعة الله، ثم شمر عن ساعد الجد في إِخلاص العبادة والإِخلاص في الطاعة، فإِنه بذلك يكون قد رجع إلى الله تعالى رجوعًا عظيم الشأْن مرضيًا عند الله (?)، ماحيًا للعقاب محصلًا للثواب.