وفعله من بابى قَرُب وفَرح. تقول: عسُر الأَمر - بضم السين - عُسْرا وعَسَارة فهو عسير وعسِر - بكسر السين - عَسَرًا فهو عسِرٌ.
التفسير
25 - {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا}:
يوجه الله النظر إلى هول يوم القيامة، وما يكون فيه من الأُمور العظيمة، أَي: واذكر أَيها النبي يوم تتشقق السماءُ المظلة للخلق؛ حيث تتفتح عن الغمام، وهو سحاب أَبيض رقيق مثل الضباب، وهو المذكور في قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} (?) والمراد بالسماء في الآية: ما يعم السموات كلها، قال مقاتل: إن المراد بالسماءِ ما يعم السموات كلها، وتنشق سماءً سماءً وروى ذلك عن ابن عباس.
فإذا انشقت السماءُ وانْتَقَض تركيبها، وطويت، ونُزِّلت الملائكة تنزيلًا عجيبًا، بصحائف الأَعمال - نزلت من خلال ذلك الغمام إلى حيث يجتمعون في صعيد واحد حول الإنس والجن، وجميع الخلائق، فيحيطون بهم في مقام الحشر، ثم يجيءُ الرب تبارك وتعالى لفصل القضاء.
26 - {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا}:
أي: أن الملك الحقيقي الثابت دائما صورةً ومعنًى، ظاهرا وباطنا يكون للرحمن وحده، يومئذ تتشقق السماءُ بالغمام وتتنزل الملائكة؛ لأَنه سبحانه له السلطنة القاهرة والاستيلاء الكلي التام في الآخرة، وأَما الملْك في الدنيا للمالكين من الناس فليس ملكا حقًّا، فإن الله هو الملك الحق في الدنيا والآخرة، ولكنه تعالى ملَّكهم ظاهرا؛ ملك تصرف وإدارة، يبقى ببقائِهم، ويزول بزوالهم.
ووصْفه تعالى بالرحمة للإيذان بأَن اتصافه تعالى بالرحمة الشاملة لعباده جميعا في دنياهم؛ لا ينبغي أن يُطيقهم فيها في أُخراهم، لعدم استحقاقهم لها بما اقترفوه من أَسوأ الأَعمال، ولذا عقبها بقوله: {وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا}: أَي: وكان ذلك اليوم صعبا شديدا على الكافرين لطوله، ولِما ينالهم فيه من الأَهوال، ويلحقهم من الخزى والهوان، كما قال تعالى: {فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ. عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} (?). وفي ذلك