ونعت على قريش أنهم أتوا على قرية قوم لوط، وعلموا بإهلاكهم، لتكذيبهم رسولهم ورفضهم نصائحه، حيث أهلكهم الله بحجارة من سجيل أنزلها عليهم من السماء, وذكرت أن قريشًا استمروا في تكذيبهم واستهزائهم برسولهم قائلين: {هَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} وبينت أنهم كالأنعام بل هم أضل سبيلًا، لأنهم لم يعتبروا بما حصل لمن قبلهم.
وتحدثت عن الآيات الكونية الدالة على قدرة الله واستحقاقه العبادة وحده، فذكرت أَن ظل الأجسام في النهار لا يبقى علي حالة واحدة، فإنه تعالى يمده ثم يقبضه شيئا فشيئا، بإحلال ضوء الشمس محله، ولو شاء الله لجعله ساكنا لا ينقبض، بجعل الشمس ثابتة على وضع مائل دائمًا، وأنه جعل الليل كاللباس في ستره الأجسام وجعل النوم راحة للأبدان تشبه الموت، وجعل النهار نشاطًا لها يشبه البعث والنشور بعد الموت، وأرسل الرياح ناشرات للسحاب بين يدى رحمته سبحانه، حيث جعلها مبشرات بالمطر الذي هو من آثار رحمة الله، إذ به يحيا الإنسان والنبات والحيوان، وبينت السور أن الله صرف الحديث عن آياته في كتبه السماوية {فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا}.
ثم بينت أنه تعالى أرسل البحرين، هذا عذب فرات، وهذا ملح أُجاج، وجعل بينهما حاجزا، بحيث يؤدي كلاهما وظيفته في مصالح الإنسان والحيوان والنبات.
وذكرت أنه تعالى خلق من ماء الزوجين بشرًا، فجعل هذا البشر إما نسيبًا وقريبًا, وإما صهرًا، وكل ذلك دليل على قدرة الله ووحدانيته، ومع هذه الآيات يعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرًا.
ثم بينت أنه تعالى ما أرسل محمدًا - صلى الله عليه وسلم - إلا مبشرًا ونذيرًا، وليس عليه إلا البلاغ وقد فعل، وأنه - صلى الله عليه وسلم - ما يسألهم على التبليغ من أجر إلا أن يسلكوا سبيل العبادة لله وحده، وذلك شاهد على صدقه ونزاهته في دعوته.
وحثت النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن يتوكل على الحى لا يموت، ويترك حساب الناس لربهم، فإنه خبير بذنوبهم، وأنه لا يضيق صدره بكفرهم وعنادهم.