{يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} (?) فأجابوه بما حكاه الله تعالى عنهم بقوله: {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا}.
ولما نصحهم بعض المخلصين منهم بالهجوم عليهم متوكلين على الله فإِنهم سيغلبونهم {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} (?) فشكاهم إِلى الله تعالى فحرمها عليهم {أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ} (?).
ولما فَنىَ هذا الجيل الفاسد، وانتهت عقوبة الحرمان، فتحها بذرياتهم نبي الله يوشعُ - عليه السلام - فهذه هي الأَرض التي استخلفهم الله عليها بعد أَن ظلوا عبيدا للمصريين بعد يوسف - عليه السلام - حتى أنقذهم الله تعالى من العبودية على يد موسى وهرون - عليهما السلام -.
وقد أَشار الله تعالى إِلى ماضيهم المستضعف وإلى الأَرض التي استخلفوا عليها بقوله: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} (?).
فالأَرض التي أُورثوا مشارقها ومغاربها، هي الأَرض المباركة وهي أرض فلسطين لقوله تعالى: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} (?).
وقوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} (?).
ولما أَفسد بنو إِسرائيل فيها عدة مرات أخرجوا منها، وحرموا ميراثها, ثم اغتصبوها عدوانًا من المسلمين الذين خلصوا أَهلها من ظلمهم، وكانوا أحق بها منهم، والعاقبة للمؤمنين الصابرين.