بل هو أفضل، لأنه التزم السنة.

وذكر نفي الإثم في التأخير - مع أنه السنة، مع ذكر نفي الإثم في التعجيل - للمجانسة مثل قوله تعالى: {وَمَكرُوا وَمَكَرَ اللهُ} (?)، وقوله تعالى: {وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} (?).

والمقصود: التخيير بين التعجيل والتأخير.

ولا يقدح هذا التأخير في أفضلية الثاني على الأول.

وفي الكشاف: أن أهل الجاهلية كانوا فريقين: فريقًا جعل المتعجل آثمًا، وفريقًا جعل المتأخر آثمًا، فجاء القرآن ينفي الماثم عنهما جميعًا.

{لِمَن اتَّقَى}:

أي ذلك التخيير لمن اتقى الله في حجه. وتخصيص التخيير به: إما لأَنه هو الحاج - على الحقيقة - والمنتفع بحجه دون سواه، على حد قوله تعالى: {ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ} (?). وإما لأن المتقى دائمًا حذِرٌ متحرزٌ عن كل ما يريبه. فإذا كان التخيير بين التعجيل والتأخير لا إثم فيه لمن اتقى - فغيره أولى.

وبذلك تقرر: أن التخيير بينهما، وإباحة كل منهما لكل حاج - لا ينبغي أن يكون موضع تحرج أو تشكك. ثم ختمت الأية بقوله تعالى:

{وَاتَّقُوا الله}: كما ختمت آيات الأحكام السابقة بالتذكير بتقوى الله تعالى.

والمعنى: واتقوا الله في جميع أعمال الحج، بأَدائها كما أمر الله، واجتناب ما حرم الله.

وفي البخاري: "من حجَّ ولم يرفُثْ ولم يفسُقْ، رجع كيوم ولدته أُمُّه".

فعلى الحاج أن يذكر هذا، فيحرص على مواصلة تقوى الله وعبادته، وليظل طاهرًا نقيًا كيوم ولدته أُمه.

{وَاعْلَمُوآ أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}:

أي: واعلموا أَنكم إليه - وحده - تجمعون للحساب والجزاءِ يوم القيامة، على ما عملتهم:

خيرًا كان أم شرًا، فاحذروه ولا تخالفوا أمره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015