القوية الضوءِ إلى درجة تكاد تخطف الأبصار، وكل ذلك وغيره تنبىء عنه هذه الآية العظيمة، ويجرى على لسان أمِّيٍّ لا علم له ولا لغيره من أهل الأرض جميعًا في زمنه بمثل تلك العلوم الكونية، حيث كانت الجهالة والبدائية تنتشر بين الناس في المشارق والمغارب، الوثنيين منهم وأهل الكتاب، ولا شك أن هذا لا يمكن أن ينطق به إلا رسول آتاه الله العلم بوحى أيده به , وآذن بصدقه في نبوته ورسالته، فتبارك الله رب العالمين (?).
والبَرَدُ الذي ينزل من تلك السحب الركامية: حبات في بياض الثلج وبرودته، ويقول الله في شأن هذا البَرَد: {فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ}: أي فيصيب الله بهذا البَرَد من يشاءُ من عباده فيتضرر به في نفسه، أو ماله، أَو زراعته، أو ماشيته، ويصرفه ويمنعه عمن يشاء، فيسلم من غائلته، حسبما جرت به حكمة الله وقدره.
ويعقب الله ذلك بقوله: {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ}: أَي يقرب ضوءُ برق السحاب المتراكم المعبَّر عنه بالسماء، ثم بالجبال، يقوب ضوءُه أن يخطف الأبصار، من فرط الإضاءة والسرعة، وفي ذلك دليل عظيم على قدرة الله تعالى، حيث ولد النور من الظلمة الركامية، وخلق الشيء من ضده، بالإضافة إلى ما تضمنته الآية من عجائب إبداعه وقدرته، ويعقِّب الله ذلك بقوله: