به الظلمات، وتَبينُ به المرئيات على حقائقها، والضمير في {نُورِهِ} عائد إِلى الله - تعالى - (?) فإن الهدى هداه {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ}.

والنور بهذا المعنى هو المشبه بالمشكاة، وهو الذي جنح إِليه ابن عباس - رضي الله عنهما -؛ فقد أَخرج ابن جرير وابن المنذر، وابن أَبي حاتم والبيهقى عن ابن عباس أَنه قال: {مَثَلُ نُورِهِ}: مَثَل هداه في قلب المؤمن" وبه قال أَنس، أَخرج ابن جرير عنه أَنه قال: (إلهي يقول: نُوري هُدَاي) ونقل الآلوسى أَن تفسيره بالهدى هو اختيار الأَكثرين، والمشكاة: هي موضع الفتيلة من القنديل، وقد نقله ابن كثير عن ابن عباس، ومحمد بن كعب، وغيرهما، وقال: إِنه هو المشهور, ولهذا قال بعده: {فِيهَا مِصْبَاحٌ} وهو الذُّبَالَةُ (?) التي تضىءُ، وقيل: هي الكُوة في الحائط غير نافذة، وعزاه القرطبى إِلى الجمهور، وقال: إنها بهذا المعنى أَجمع للضوءِ، ونقل القرطبى عن مجاهد أَنها هي القنديل، وقد اشتهرت بهذا المعنى في عصرنا، وتفسير المتقدمين للمصباح بالزبالة، أَي: فتيلة القنديل، ملاحظ فيه أَن المصابيح في هذا الزمان كانت كذلك، ولهذا جاءَ في النص الكريم أَن هذا المصباح {يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ}.

وقد بين الله - تعالى - أَن هذا المصباح في زجاجة، وهي القنديل، وقد وصف الله زجاج القنديل بالصفاءِ والزُّهْرَة الفائقة، حيث قال: {الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} ومن هذا القنديل الشفاف ينفذ ضوءُ المصباح إِلى ما حوله.

والمراد بالكوكب الدرى: أَحد الكواكب التي يطلق عليها العرب الدرارىّ، مثل: المشترى، والزهرة، وهي منسوبة إلى الدُّرّة، لبياضها وزُهْرَتِها وحسنها.

وتشبيه الزجاجة بالكوكب الدرى يحتمل معنيين: أَحدهما: أَنها بما فيها من المصباح تشبهه، وثانيهما: أَنها لصفائها وجودة جوهرها تشبهه، قال القرطبى: وهذا التأْويل أَبلغ في التعاون على النور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015