ولما بدأ الله بذكر البعولة؛ ثنى بذوى المحارم، وهم آباءُ المرأة وإن علوا وآباءُ الأزواج كذلك، وأَبناءُ المرأة وإِن سفلوا، وأبناءُ للزوج كذلك، وإِخوان المرأَة وبنوإِخوانها، وبنوأخواتها والمراد بإخوانها: إخوتها الذكور أشقاء أَولأب أولأم، ومثل ذلك بنوإِخوانها وبنوأَخَوَاتها وإِن سفلوا، فهؤلاء جميعا يجوز للمرأة أَن تبدى من زينتها لهم أَكثر مما تبديه للأجانب لكثرة المخالطة الضرورية، وقلة توقع الفتنة، فلهم أَن ينظروا من المرأَة ما يظهر منها عند المهنة - أَي الخدمة - كما ذكره الآلوسى.
وقال القرطبى في المسألة الحادية عشرة: سوى الله بينهم في إبداءِ الزينة، ولكن تختلف مراتبهم بحسب ما في نفوس البشر، فلا مرية أن كشف الأب والأخ على المرأة أحوط من كشف ولد زوجها، وتختلف مراتب ما يبدى لهم، فيُبدى للأب ما لا يجوز إِبداؤه لِوَلَدِ الزوج.
ونحن نرى؛ أن الاحتياط والتصون في هذا الزمان أمر ضرورى، لفساد المعايير والأخلاق، فلا تبدى المرأَة من جسدها لغير زوجها وسيدها إِلا ما يظهر عند خدمتها منزلها في ثياب مرسلة، وحشمة واتزان، وبخاصة مع أبناء زوجها، فينبغى أَن يكون تحفظها معهم أكثر (?).
ولم يرد في الآية العم , ولا الخال - مع أَنهما من المحارم - والجمهور على أنهما كسائر المحارم في جواز النظر إلى ما يبدومن المرأَة عند المهنة على نحوما قلناه، ولم يُذْكَرَا في الآية اكتفاءً بذكر الآباء، فإِنهما عند الناس بمنزلتهم، ولا سيما الأعمام، وقيل: لم يذكرا لأَن الأَحوط أن تستتر المرأة عنهما، حذرا من أَن يصفاها لأولادهم، فيبعثهم ذلك على رؤيتها والاختلاط بها، وليس في الآية ذكر الرضاع؛ وهو مثل النسب فيما تقدم (?).
أَما قوله تعالى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} فالمراد منه: المسلمات المختصات بهن بالصحبة والخدمة من حرائرهن، أما الكوافر فلا يظهرن لهن إلا ما يظهرنه للرجال الأجانب، وقال عبادة