وهذا شاهد على أنه تعالى كما بدأَ الخلق يعيده، مصداقًا لقوله تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} (?).

وكما أَنه يختص بالإِحياء والإِماتة، فأنه تعالى يرجع إليه وحده التدبير في اختلاف الليل والنهار.

والمراد باختلافهما: أن يجىء كلاهما خلف الآخر، أو أَن يتفاوتا طولًا وقصرًا، نورًا وظلامًا، وفي ضوء النهار تتحرك الكائنات الحية إلى معايشها وأرزاقها، وفي الظلام تسكن وتستريح من سعيها ومتاعبها: {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (62)} وختم الله الآية بقوله: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} أَي: أَترون هذه الآيات فلا تعقلون دلالتها على الخالق سبحانه ووجوب عبادته وحده لا شريك له، وتصديق رسله والاهتداء بهديه، والعمل ليوم البعث والنشور؟: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَار} (?).

{بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ (81) قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (83)}

المفردات:

{أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}: أباطيلهم التي سطروها للتلهى بها، جمع: أسطورة، كأُحدوثة وأحاديث، وأعجوبة وأعاجيب، وقيل: جمع أسطار جمع سَطْر، فهى جمع جمع، واختيار الزمخشرى الأَول، لأَن جمع المفرد أَولى من جمع الجمع وأَقيس، ولأن وزن أفعولة يأتى لما فيه التلهى، فيكون القرآن - في نظرهم الفاسد - مكتوبات لا طائل تحتها، وإِلى هذا الرأى ذهب المبرد وجماعةٌ من أهل اللغة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015