وفي الآية إشارة إِلى أَن الله تعالى سوى بين النبيين وأَتباعهم في تناول الطيبات بمعنييها، ثم عقب ذللك بقوله: {إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} مبالغة في وجوب امتثال ما أُمِرُوا به من أَكل الحلال الذي دُعيَ إِليه الرسل والأَنبياءُ، وحُذِّروا من تركه، وكذلك جميع أممهم تبعا لهم.

{وَاعْمَلُوا صَالِحًا}: موافقا لما شرع لكم. وقيل: حكاية لما ذكر لعيسى وأمه عند إِيوائهما إِلى الربوة ليقتديا بالرسل في تناول ما رُزقا من كل طيب، فكأَنه قيل: وآويناهما، وقلنا لهما: هذا - أَي: أَعلمناهما أن الرسل كلهم خوطبوا بهذا، فكُلَا مما رزقناكما، واعملا صالحًا اقتداءً بالرسل، وعلى هذا فالمراد من الجمع في قوله: {وَاعْمَلُوا صَالِحًا} ما فوق الواحد.

{إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}: لا تخفى عليَّ خافية مما تعملون من الأَعمال الظاهرة والأعمال الباطنة فأجازيكم عليه.

{وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53) فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54)}

المفردات:

{أُمَّةً وَاحِدَةً}: الأُمة هنا هي: الدين. {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا}: أَي فقطعوا أَمر دينهم بينهم قطعًا، فاتخذوا أَديانًا مختلفة، زُبُر: جمع زبور، مثل رُسُل: جمع رسول، وجمع زُبْرة أَيضًا - بضم فسكون - والأَول بمعنى كتاب، من زبر بمعنى كتب، أَما الزَّبْرة فبمعنى القطعة.

{كُلُّ حِزْبٍ}: الحِزْبُ: جند للرجل وأَصحابه الذين على رأيه، والطائفة وجماعة الناس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015