يجرى مجزى اللَّغاء، وهو صوت العصافير ونحوها من الطير، والصفة الثانية منهما أداؤهم الزكاة، والمراد من الزكاة هنا: زكاة أَموالهم، ولا ينافى هذا كون السورة مكية، والزكاة إِنما فرضت بالمدينة، لأن التي فرضت بالمدينة هي ذات النُّصُب والمقادير الخاصة، وهذه غير التي فرضها الله بمكة، فقد كانت غير مشروطة بمقدار، ويشير إلى ذلك قوله تعالى في سورة الأنعام - وهي مكية -: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (?) ومن العلماء من فسر الزكاة هنا بزكاة النفس مراعاة لمكية الآية، كقوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9)}.

والمعنى: والذين هم لأجل زكاة نفوسهم يفعلون ما يفعلون من الطاعات.

5،6 - {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ}:

تضمنت هاتان الآيتان الكريمتان صفة رابعة للمؤمنين الذين يفوزون بجنة الفردوس، وهي حفظهم لفروجهم من الزنى، والفَرْج يشمل سوءَة الرجل والمرأة، فالمراد به عضو التناسل من كل منهما، ولفظ (عَلَى) في قوله: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ} بمعنى: (مِن) كما قاله الفراء وغيره، أي: حافظون لفروجهم إِلا من أزواجهم أَو ما ملكت أيمانهم، والأزواج جمع زوج، وهو يطلق على كل من الرجل والمراد المتزوجين، فكلاهما زَاوَجَ الآخر أي ثاناه، بأن جعله مع نفسه اثنين، والمراد مما ملكت أيمانهم السُّرِّيات (?) وهُنَّ (الإماءُ) المأخوذات في غنائم الحرب، دون المختطفات من آهلهن، فلا يحل بيعهن ولا شراؤهن، ولا الاستمتاع بهن عن طريق ملك اليمين، فهن حرائر مغتصبات فلا سبيل إلى تملكهن، ومن اشتراهن وهو يعلم بحالهن فشراؤه غير صحيح، والاستمتاع بهن زِنى.

وقد أَفادت الآية الكريمة أنه لا لوم ولا إثم على المؤمنين في غشيان زوجاتهم وإمائِهم، ولا على المؤمنات في مباشرة أَزواجهن لهن، أما عبيدهن فلا حَقَّ لهم في الاستمتاع بهن بالإِجماع (?)، لأَنه مملوك لها وليس مالكًا فهى قوَّامة عليه، بخلاف استمتاع السيد بأمته فإِنه مالك لها وقَوَّام عليها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015