{هُوَ اجْتَبَاكُمْ}: هو اصطفاكم لحمل خاتم الأَديان ونشر رسالته، فأَرسل إِليكم أَفضل الأَنبياءِ، وأَنزل إِليكم أَكرم الكتب السماوية؛ وأَتم عليكم نعمته بالتأْييد والنصر.
{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}: ولم يكلفكم ما يشق عليكم ويسبب لكم الضيق والحرج, فإِنه سبحانه لا يكلف نفسا إِلا وسعها، وهو تبارك وتعالى ييسر الأُمور:
{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (?).
ومن لطفه وتيسيره: أَنه أَباح لنا قصر الصلاة والإِفطار في السفر الطويل, وأَباح لنا التيمم عند فقد الماءِ أَو تعذر استعماله, والقعود في الصلاة عند تعذر القيام فيها.
{مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ}: فالزموا الإِسلام الذي هو ملة أَبيكم إِبراهيم، فهو الذي بنى لكم البيت ودعاكم إِلى حجه والصلاة إِليه. بتكليف من الله - سبحانه وتعالى - ودعا الله أَن يمكنه وذريته من إِقامة الصلاة بقوله: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} (?).
{هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا}:
هو الله - سبحانه - الذي سماكم بهذا الاسم وارتضى لكم الإِسلام دينا من قديم, وأَمركم به في هذا القرآن الكريم حيث قال فيه: {فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} (?) {لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}:
ولما كان القرآن الكريم هو آخر الكتب السماوية، وقد أَبلغه الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الله إِلى أُمته بما يحويه من أَوامر ونواه، وبما فيه من قصص الرسل والأَنبياءِ السابقين فلهذا يشهد الرسول بأَنه بلغ رسالة الإِسلام إِلى أُمته, ويشهد المسلمون منهم على الأُمم السابقة بما قصه عليهم القرآن من تبليغ رسلهم شرائع الله إِلى أُممهم.
{فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}: أَي؛ وإِذا كان الله تعالى منحكم هذا الشرف العظيم, حيث جعلكم شهداءَ على الناس, فتقربوا إِليه - سبحانه - بأَنواع الطاعات، وأَخصها إِقامة الصلاة وإِيتاءُ الزكاة.