{وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ}: وسخر لكم السفن بعد أَن علمكم كيف تصنعونها وكيف تستخدمونها في حملكم وحمل السلع التجارية من بلد إِلى بلد، ومن إِقليم إِلى إِقليم، طبقا لسنته في الأَجسام الطافية حيث أَجراها بالرياح الجارية، أَو بالمحركات الدائرة التي أَلهمكم صنعها.
{وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ}: ومن رحمته سبحانه بخلقه أَنه خلق الأَجرام والكواكب، ودفع كلا منها في مداره المرسوم وربطها برباط الجاذبيَّة طبقا لسنته الكونية.
وهذه الجاذبية من شأْنها أَن تجعل الأَرض تجذب إِليها بعض كواكب السماءِ القريبة منها لتسقط عليها ولكنه - سبحانه - جعل في مقابل الجاذبية ما يسميه علماءُ الفلك بقوة الطرْدِ المركزية, وهي مساوية لقوة الجاذبية, فيقع الجرم الفلكى بين قوتين متعادلتين مما يتيح له البقاءَ متوازيا في فلكه المرسوم، ولكن حينما يأْذن الله بنهاية الخلق تضعف إِحدى القوتين عن نظيرتها فيصطدم بعض الكواكب ببعضها الآخر، وذلك ما يشير إِليه قوله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ} (?).
{إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}: إِن الله تعالى رحيم بعباده, مشفق عليهم, إِذ هيَّأَ لهم العيش المناسب فوق سطح الأَرض وتحت كواكب السماءِ، وهم آمنون مطمئنون.
66 - {وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ}:
أَي: أَنه - تعالى - هو الذي وهب عباده الحياة، وهو الذي يسلبهم إِياها عند الموت، ثم يبعثهم بعد الحساب والجزاءِ، فمن حقه عليهم أَن يعبدوه ولا يكفروه، ولكنهم أَشركوا به وكفروه، ولذا ختم الله الآية بقوله:
{إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ}: أَي؛ شديد الجحود للنعم العديدة التي يراها في نفسه وفيما يحيط به في البر والبحر والأَرض والسماءِ، إِلا من عصم الله من عباده الصالحين.