وجاءَت هذه الآية آمرة للنبي - صلى الله عليه وسلم - أَن يواصل إِنذارهم، وأَن لا يبالى بتكذيبهم واستعجالهم العذاب.
ومعنى الآية: قل أَيها النبي لأَهل مكة: يأَيها الناس ما أَنا إِلا منذر لكم واضح الإِنذار، فيما أَخبرتكم به من أَنباءِ الأُمم التي أَهلكها الله بتكذيبها رسلها، لكي تحذروا أَن يصيبكم مثل ما أَصابهم، فكيف تستعجلوننى بالعذاب ولن يخلف الله وِعده؟ فالأَمر بيده، إن شاءَ عَجَّلَ وإِن شاءَ أَجَّلَ.
50 - {فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}:
أَي: أَنذر - يا محمد - هؤلاءِ الكفرة المستعجلين للعذاب وبالِغْ في إِنذارهم، فالذين آمنوا بعد كفرهم، وعملوا الصالحات بعد إِيمانهم، لهم مغفرة لما كان منهم من الكفر والمعاصي، ولهم رزق حسن فائق في الجنة، فإِن الإِيمان يَجُبُّ ما قبله، كما قال تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (?).
51 - {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}:
والذين سعوا في آياتنا وبذلوا الجهد في إِبطالها، فسمَّوْها تارة سحرا، وتارة شعرًا، وتارة أُخرى أَساطير الأَولين، مسابقين المؤمنين، كلٌّ يريد تعجيز الآخر، فالمؤمنون يريدون إِبطال كيد الكافرين، والوصول بآيات الله إلى قلوب الناس أَجمعين، والمشركون يريدون تعويقهم وتعجيزهم عن تحقيق غايتهم، فهؤلاءِ الساعون المعوِّقون المعاجزون هم أَصحاب الجحيم، الملازمون للنار الشديدة التأَجج والإِحراق {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (?).
هذا، وبعض المفسرين حمل (الناس) في قوله تعالي: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ} على عموم الناس مؤمنهم وكافرهم، وفسر الآيات الثلاث على النحو الآتي:
قل يا أَيها الناس - مؤمنكم وكافركم - إِنى لكم منذر واضح الإِنذار، بأَنكم ستأْتيكم الساعة ثم تبعثون وتحاسبون، فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في دنياهم، لهم مغفرة ورزق كريم