الساعة، كما يدل عليه قولهُ تعالى عقبها: {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا ... } الآية. فإِن جملة {اقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} معطوفة بالواو على جملة {فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ}، داخلة معها في حيز الشرط، وجوابهما هو قوله تعالى: {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فكأَنه قيل: فإِذا فتحت يأْجوج ومأْجوج، واقترب بذلك الوعد الحق، فاجأَتهم القيامة بأَهوالها، كما يدل على ذلك أيضًا حديث مسلم وأَبي داود وغيرهما، فقد جاءَ فيه: "أن الله تعالى يبعث يأْجوج ومأْجوج وهم كما قال الله تعالى: {مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} فيرغب عيسى عليه السلام وأصحابه إِلى الله - عز وجل - فيرسل عليهم نغفا (?) في رقابهم فيصبحون موتى كموت نفس واحدة ... " الحديث.
ومن العلماء من قال: إِن يأْجوج ومأْجوج هم التتار, وأَنهم فتحوا السد الذي بناه دونهم ذو القرنين، وعاثوا في الأَرض فسادًا، ويعرف هذا السد بسد باب الحديد - وراءَ جيحون - بين سمرقند والهند، كما يشتهر أيضًا بسد الصين، وقد اجتازه تيمورلنك بجيوشه المخرِّبة ومر به "شاه روح" وكان في خدمته رجل ألمانى يدعى "سيلد برجر" وجاءَ ذكر هذا السد في كتابه, كما تحدث فيه عن مرور "الشاه" به وكان ذلك في أَوائل القرن الخامس عشر (?).
ولعله يشهد لصحة هذا الرأْى ما أَخرجه مسلم بسنده عن أُم حبيبة بنت أبي سفيان أَن زينب بنت جحش زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فزعا محمرًّا وجهه يقول: "لا إله إلا الله. ويل للعرب من شَرٍّ قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأْجوج ومأْجوج مثل هذه - وحلق بأَصبعه الإِبهام والتى تليها - قالت: يا رسول الله: أَنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم - إِذا كثر الخبث (?) ".
فهذا يؤذن بأَن بداية فتح السد حدثت في عهده - صلى الله عليه وسلم - وقد توقع النبي من ذلك شرًّا كثيرًا على العرب، وقد وقع ذلك في غزوات التتار على البلاد