ويقول الفخر الرازى تعليقا على تسبيح الحجارة وإِلانة الحديد لداود، وعلى تسخير الريح والشياطين لسليمان عليهما السلام:
"اعلم أَن أَجسام هذا العالم إِما كثيفة أَو لطيفة، أَما الكثيف: فأَكثف الأَجسام الحجارة والحديد، وقد جعلهما الله معجزة لداود - عليه السلام - فأَنطق الحجر وليَّن الحديد، وكل واحد منهما كما يدل على التوحيد والنبوة يدل على صحة الحشر؛ لأَنه كما قدر على إِحياءِ الحجارة فأَي بُعد في إِحياءِ العظام الرميمة؟ وإِذا قدر على أَن يجعل في أَصبع داود - عليه السلام - قوة النار مع كون الأَصبع في نهاية اللطافة، فأَي بُعد في أَن يجعل التراب اليابس جسما حيوانيا؟ وأَلطف الأَشياءِ في هذا العالم: الهواءُ والنار، وقد جعلهما الله معجزة لسليمان - عليه السلام - أَما الهواءُ فقوله تعالى: "فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ" وأَما النار فلأَن الشياطين مخلوقة منها، وقد سخرهم الله تعالى له فكان يأْمرهم بالغوص في المياه وهم ما كان يضرهم ذلك، وذلك يدل على قدرته تعالى على إِظهار الضد من الضد" اهـ.
{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84) وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (85) وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (86) وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)}