106، 107 - {فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا}:

أَي أَنه تعالى بعد أَن يزيل الجبال ويبعثرها، يترك أُصولها أَرضًا مستوية، كأنها مع غيرها صف واحد على سمت مستو متماثل، بحيث لا ترى في أُصول تلك الجبال المنسوفة انخفاضًا ولا نتوءًا بارزا والعِوج بكسر العين يستعمل في غير المستقيم حسيا ومعنويا أَما مفتوح العين فقاصر على الحسي غير المستقيم (?).

108 - {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ ... } الآية.

أَي يومئذ ينسف ربي الجبال، يتبع الناس داعى الله عز وجل إِلى المحشر، وهذا الداعى هو إسرافيل، وظاهر ما جاءَ في القرآن أن هذه الدعوة هي النفخة الثانية في الصور قال تعالى في سورة الزمر: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68)} وهى المعنية بقوله في سورة يس: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51)} والله أَعلم بحقيقة هذه الدعوة وكيفيتها.

ومن المفسرين من جعلها دعوة كلامية، حيث قال. إِن إِسرافيل يضع الصُّور في فمه ويقول: أَيتها العظام البالية، والجلود المتمزقة، واللحوم المتفرقة، هلموا إلى العرض على الرحمن فيقبلون من كل صوب إِلى صوته ...

وأَخرج ابن أَبي حاتم عن محمد بن كعب القرظى قال: يحشر الله تعالى الناس يوم القيامة في ظلمة، تطوى السماءُ وتتناثر النجوم، وتذهب الشمس والقمر، وينادى مناد فيتبع الناس صوته يؤُمونه، فذلك قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ}.

وقال على بن عيسى: الداعى هو الرسول الذي كان يدعوهم إلى الله عز وجل: انتهى.

وأظهر الأقوال ما قلناه أَولا، من تفويض العلم بحقيقة هذه الدعوة وكيفيتها إلى العليم الخبير سبحانه وتعالى، ومعنى {لَا عِوَجَ} لا يعوَج للداعى مدْعوٌّ ولا عدول له عنه، وذلك مثل قولهم: لا عصيان له أي لا يعصى، وقال ابن عطية: يحتمل أن يكون المعنى: لا شك فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015