رجاؤه وخسر بها خسرانًا مبينًا. وفي معنى هذه الآية قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} (?) وقوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} (?). ثم بين سبحانه ما ترتب على كفر أولئك الأخسرين أعمالا من الجزاء السيء على ما صنعوا فقال:

105 - {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا .. } الآية.

أي أُولئك الضالون الخاسرون، وهم يحسبون أَنهم يحسنون، هم الذين جحدوا آيات ربهم ودلائله الداعية إِلى توحيده وتمجيده، وضموا إِلى جحودهم آيات ربهم إنكارهم البعث في اليوم الآخر وما يتبعه من الجزاء على الأعمال، فمن ثَمّ حبطت أَعمالهم وبطلت وإذًا: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا}: بل نزدرى بهم ونحتقرهم، ولا نجعل لهم مقدارًا، لأنه لا مقدار لأحد إلا بالعمل الصالح، وأولئك مجردون من صالح الأعمال، وقد روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أنَّهُ لَيَأْتِىَ الرَّجُل الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ القيَامَةِ لَا يَزِن عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَة، وَقَال: اقْرَءُوا إنْ شئْتُمْ: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} أو المعنى لا نضع لأجل وزن أعمالهم ميزانًا لأنها قد حبطت وصارت هباءً منثورًا. وقوله تعالى:

106 - {ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا}:

بيان لمآل كفرهم وسائر معاصيهم، إثْرَ بيان أعمالهم المُحْبَطَةِ بذلك الكفر، أي ذلك جزاؤُهم الذي جزيناهم به بسبب كفرهم بي، واتخاذهم رسلى وآياتى التي أيَّدتُهُمْ بها - هزؤًا وسخرية! فلم يكتفوا بمجرد الكفر بالآيات والرسل، بل ارتكبوا عظيمة أُخرى مثلها، وهى الاستهزاءُ بالمعجزات الباهرة التي أيدت بها رسلى عليهم السلام وبالصحف المنزلة عليهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015