87 - {قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا}:

أي قال هذا الرجل الحكيم بعد أَن خيره الله في شأن الكفار من أهل المغرب على النحو الذي بيناه في شرح الآية السابقة - قال -: هؤلاء الناس سوف يكونون بعد دعوتهم إلى الحق قسمين: ظالمين ببقائهم على الكفر وإصرارهم عليه، ومؤمنين تائبين من كفرهم، فأما من ظلم نفسه ببقائه على الكفر والعصيان، فسوف نعذبه بالقتل، ثم يعيده الله بالبعث فيرده إِلى حسابه وجزائه فيعذبه على كفره وعصيانه عذابا منكرا فظيعا.

ثم بين مآل المؤمنين التائبين كما حكاه الله عنه بقوله:

88 - {وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا}:

أي وأما من آمن بالله وعمل صالحا موافقًا لما شرعه الله على لسان نبى ذلك العصر , فله المثوبة الحسنى في الدارين , جزاء له على إيمانه وصالح عمله , وسنقول له مما نأمر به موافقًا لشرع الله - سنقول له - قولا ذا يسر وسهولة في مختلف التكاليف , فإن الله لا يكلف نفسًا إلاَّ وسعها.

89 - {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا}:

ثم اتَّبَعَ طريقًا موَصِّلا إِلى المشرق، ليرجع فيه بعد غزوه المغرب.

90 - {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا}:

حتى إذا بلغ ذو القرنين الإِقليم الذي تطلع الشمس عليه أولا في ناحية المشرق على حافة المحيط، وجدها تطلع على قوم بدائيين فطريين لم يرتقوا صناعيًّا، حتى يصنعوا لأنفسهم ثيابًا تسترهم وتحميهم من أشعة الشمس، أَو مساكن تُؤوِيهم من حرارتها، وقد يكون ذلك في المنطقة التي يمكث فيها النهار أَيامًا متتالية في فصل، ثم يمكث الليل أَيامًا متتاليةً كذلك في فصل آخر، وأنه وصل إليها وقتما كان الزمن نهارًا دون ليل، والشمس طالعة فوقهم دائمًا، وليس لهم وقتئذ ليل يسترهم منها، وأن ذلك هو معنى قوله سبحانه: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا} وقد أَجمل الله كمال استعداد ذى القرنين لهذه الرحلة، وَعظَّم أمره وفَخَّمه بقو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015