{كَنْزٌ لَهُمَا}: مال مدفون لهما. {أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا}: أَن يصلا إلى كمال قوتهما العقلية والجسدية، وفي الصحاح: الأشُدُّ القوة. وبلوغ الأشُدّ يكون ما بين ثمانى عشرة سنة إلى ثلاثين. وهو مفرد جاء على بناء الجمع، مثل: (آنُك) ولا نظير لهما، وقيل هو جمع لا واحد له من لفظه، وقيل غير ذلك.
{تَسْطِعْ}: مضارع اسطاع بمعنى استطاع، وهو أصله فخفف بحذف التاء.
التفسير
79 - {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا}:
أفادت الآيات السابقة أن سيدنا موسى عليه السلام قد نَفد صبره من رؤْية تلك الأحداث التي حدثت من الخضر عليه السلام ولم يجد لها مبررا ظاهرا يقتضيها، وأن الخضر اضْطُرَّ لإيذانه بمفارقته لنفاد صبره , وعدم تحمله ما يراه حتى تنتهى رحلتهما إلى غاية أبعد مما وصلت إليه , لكي يخبره في نهايتها عن كثير من أسرار الغد التي يخفيها الله تعالى عن عباده، ويختص بإعلامها بعض أصفيائه.
وجاءت هذه الآية وما بعدها لبيان ما انطوى وراء الأَحداث التي أجراها الخضر عليه السلام، والمراد من المساكين هنا الذين لا يقدرون على دفع الظلم عن أنفسهم، لضعفهم في النفس أو في البدن وإن كانوا أغنياء، قيل كانت لعشرة، خسمة منهم زَمْنَى، وخمسة يعملون في البحر.
وهذا المعنى للمساكين غير ما قاله الفقهاءُ بشأنهم في الصدقات والكفارات، فإن منهم من فسر المسكين بأنه هو الذي لا يقدر على ما يقع موقعا من كفايته وكفاية من تلزمه نفقتهم، كمن لا يكسب أصلا أو يكسب دون النصف من كفايته، والفقير عند هؤلاء أحسن حالا من المسكين فهو الذي يقدر على ما يقع موقعا من كفايته وكفاية من تلزمه نفقتهم، كمن يكسب سبعة ولا يكفيه أقل من عشرة. ومنهم من فسره بالعكس , فالمسكين عنده أحْسنُ حالا من الفقير، وسواءٌ أكان الفقير بمعنى الضعيف أم بمعنى المحتاج , فهو مأخوذ من السكون, فكلاهما ساكنٌ ذِلَّةً أو ضعفا، أو فقرا.