وذهب جمع من العلماء إلى أنه ليس بحيٍّ اليوم، سئل البخاري عنه وعن إلياس عليهما السلام -هل هما حيان- فقال: كيف يكون هذا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يبقى على رأس المائة ممَّن هو اليوم على ظهر الأرض أحد" وفي صحيح مسلم عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة وهي يومئذ حية" كما استدلوا بأدلة نقلية وعقلية أُخرى، فارجع إليها في الموسوعات، والإمساك عن الخوض في الخلاف بين الرأيين أولى، مع الجزم بقصته مع موسى عليه السلام -كما جاءت في هذه السورة.
(4) اخْتُلِف في الخضر، فقيل هو نبي وليس برسول، وهو قول الجمهور، وقيل هو رسولٌ، وقيل هو وليٌّ، وبه قال القشيري، ويستدل القائلون بنبوته بقوله تعالى في شأنه: "آتيناه رحمة من عندنا" والرحمة تطلق على الوحي والنبوة في عدة مواضع من القرآن، ولأن الله حكى عن قوله لموسى: "ما فعلته عن أمري" أي أن ما حدث منه كان بوحي من الله، ولأن النبي لا يتعلم إلا من نبي ولا يصح أن يكون المتعلم فوق المعلم ... إلخ.
(5) وفي القصة توجيهات رشيدة:
(أ) أن لله حكمًا عالية فيما يقضيه من أمور، وهذه الحكم قد ندركها وقد تغيب عن عقولنا، ولكننا ينبغي أن نؤمن بها كل الإيمان.
(ب) أن الهجرة في طلب العلم مطلوبة، روى مسلم بسنده عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل اللهُ له به طريقًا في الجنّة".