الشياطين الذين يأتون بالمنكر، ويحملون على الباطل، ونقل الآلوسي في تفسيره، أَن بعضهم قال: لا ولد له والمراد من الذرية الأتباع من الشياطين وعُبِّر عنهم بذلك مجازًا تشبيهًا بالأولاد اهـ.
وأعدل الأقوال وأَسلمها في المسألة قول القشيرى أبو نصر كما نقله القرطبي: إِن الله أخبر أَن لإِبليس أَتباعًا وذرية، وأَنهم يوسوسون إلى بني آدم وهم أعداؤُهم. ولا يثبت عندنا كيفيةٌ في كيفية التوالد منهم وحدوث الذرية عن إبليس. فيتوقف الأمر فيه على نقل صحيح: اهـ. وهو يتمثل ويتصور، ويظهر ويختفي، ويَرى من حَيْثُ لا يُرى. ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود قال: "إِن الشيطان ليتمثل في صورة الرجل فيأتي فيُحَدِّثهم بحديث الكذب. فيتفرقون يقول الرجل منهم سمعت رجلًا أَعرف وجهه ولا أَعرف ما اسمه يُحَدِّث". وفي التنزيل يقول الله تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} (?).
{بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا}: أي بئس البدل عن الله تعالى للظالمين: إبليس وذريته، أَو بئس عبادة الشيطان، بدلا عن عبادة الله.
والالتفات من الخطاب في قوله تعالى: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ} إلى الغيبة في قوله تعالى:
{بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ} مع وضع الظاهر موضع ضمير المخاطبين، ليشير اللفظ الظاهر إِلى أن ما فعلوه ظلم قبيح يؤْذِن بأنهم أَهل لشدة السخط، وبالغ الازدراء.
{مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51)}
المفردات:
{مَا أَشْهَدْتُهُمْ}: ما أَريتهم. {عَضُدًا}: العضد ما بين المرفق والكتف من الذراع، والمقصود هنا. المعين أو النصير.