الأسماء الجوامع، الدالة على ما عداها، مما لا يحصيه إلا الله - تباركت أسماؤه وجلت آلاؤُه، وأنها جمعت من معاني الجلال والكمال ما لم يجمعه غيرها.

والحكمة في تخصيص هذين الاسمين بالذكر، أن لفظ الجلالة عَلم على الذات الأقدس، واسم الرحمن أنسب بالدعاء. فقد كتب على نفسه الرحمة.

هذا، وقد اتفق الثقات من العلماء على أن أسماء الله تعالى توقيفِيَّة، فلا تجوز تسميته إِلا بما سمى به نفسه: مما جاء في كتابه عز وجل، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}:

روى الشيخان وغيرها عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزلت هذه الآية ورسول الله صلى الله عليه وسلم مخْتَف بمكة، فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإذا سمع ذلك المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به، فقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} أي بقراءتك، فيسمع المشركون فيسُبوا القرآن {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}: عن أصحابك فلا تسمعهم حتى يأخذوا عنك.

{وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}: بقول بين الجهر والمخافتة. اهـ.

والمراد بالصلاة القراءة التي هي أَحد أركانها. والظاهر أَن المراد بالقراءة ما يعم البسملة وغيرها. ويروى أَن أَبا بكر رضي الله عنه كان إذا صلى بالليل خفض صوته جدا ويقول: أناجى ربي وقد علم حاجتى؛ وكان عمر رضي الله عنه إذا صلى من الليل رفع صوته جدًا ويقول: أَطرد الشيطان وأوقظ الوسنان. فلما أَنزل الله هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: ارفع من صوتك شيئًا، وقال لعمر أخفض من صوتك شيئًا فالقراءة بين المخافتة والجهر هي الوسط، وخير الأمور أَوسطها، ومن الأحكام العامة لدى الخاصة والعامة: الجهرُ في ركعتى الفجر والجمعة والعيدين، وفي الركعتين الأوليين من المغرب والعشاء. ولا ريب أَن الجهر في هذه الصلوات من الشعائر المتواترة في الشريعة الإِسلامية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015