{إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا}: إنك مهما تخايلت بخطواتك واشتددت في إيقاع أقدامك على الأرض, فإنك لن تخرقها بخطواتك, ومهما تطاولت بهامتك كبرا وفخرا ورفعت رأسك تيها وعجبا , فلن تساوي الجبال الشواهق بطولك أو تطاولك.
فدع عنك الخيلاء والتعالي على الناس , فأنت مخلوق ضعيف.
38 - {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا}:
أي كل ذلك المذكور في الأوامر والنواهي السابقة من الخصال كان السيء منه مكروها في حكم الله وشرعه , فدع ما نهاك عنه واستمسك بما أمرك به حتى لا تكون مبغضا من الله, وبعيدًا عن رضوانه ورحمته.
39 - {ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ}:
أي ذلك المذكور من الآداب. والأحكام التي جاءت في الآيات المتقدمة , هو ما أنزله إليك وحيا, وجعله من الأمور المحكمة التي لا يتطرق إليها النسخ, فهي موجودة في جميع شرائع الله , لأنها جامعة لكل أدب وخير ففيها محاسن الأخلاق ومحامد الشيم فلا تنسخ ولا تتغير باختلاف الشرائع.
{وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا}: أي واحذر أيها المكلف أن تتخذ مع الله إلها غيره {إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} إن فعلت ذلك فقد حق عليك أن ترمي وتطرح في نار جهنم في مهانة وذلة , وأنت معلوم من نفسك على ما اقترفت وملوم من الملائكة خزنة جهنم حين تعنفك فتقول لك ولأمثالك: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} فتجيبون بذلة ومهانة وتقولون:
{بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} (?).