ظلمة آية الليل بالضوء الباهر والنور الساطع المنبعث من الشمس المشرقة.
{وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً ... } الآية.
أَي وجعلنا النهار الذي هو آية على بارئه ومدبره - جعلناه مضيئا، بحيث تتبين به المسالك والدروب وأسباب الأرزاق، لكي تبتغوا وتطلبوا في ضوئه رزقا من فضل ربكم لا يتيسر لكم في ظلام الليل، ولتعلموا بتفاوت الليل والنهار وتعاقبهما وسائر أَحوالهما، عدد السنين التي مرت بكم، وحساب الشهور والأيام والليالى، وغير ذلك مما ترتبط به مصالحكم ومعايشكم وعباداتكم.
{وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا}:
أي وكل شيء يرتبط بمعايشكم ومنافعكم الدنيوية والأخروية، بيَّنه الله سبحانه في القرآن تبيينا تاما لا التباس فيه ولا خفاء، كما جاء في قوله لرسوله: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} وبهذا ظهر كون القرآن هاديا للتى هي أَقوم ظهورا بينا.
واعلم أَن القرآن اشتمل على قواعد كلية للعقائد والشرائع، وأما التفاصيل الجزئية فقد أَحالها الله تعالى على نبيه لتبيينها، وذلك في قوله سبحانه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (?).
فالصلاة في القرآن أَوجبها الله بنحو قوله: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} ولم يتعرض لكيفية أَدائها وبيان أَوقاتها، وقد تكفل الرسول صلى الله عليه وسلم ببيان ذلك بوحى من الله تعالى.: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5)} (?).