التفسير
125 - {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ... }:
بعد أَن أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم باتباع ملة إبراهيم حنيفا - بين له في هذه الآية طريق الدعوة إليها.
والمعنى: ادع أيها الرسول جميع المكلفين الذين بعثت إليهم. ادعهم إلى الإِسلام، بالحجج المزيلة للشبهة، الموصلة إلى اليقين، وبالنصائح الجميلة المرغبة في الحق والخير، المنفِّرة من الباطل والشر، ومن جادلك منهم فجادلهم بأحسن طرق المراجعة والمجادلة، أَي باللين والرفق، كما راجع إِبراهيم أباه وقومه، وكما حاجّ الطاغية الذي آتاه الله الملك (?).
وإنما لم يقل: ادع إِلى سببيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتى هي أَحسن لأن الجدال ليس طريقًا أصيلًا في الدعوة إلى الله عز وجل، وإِنما يكون عند المراجعة والمحاورة بقصد إظهار الحق والرجوع إليه والطمأنينة به، لا لقصد إفحام الخصم وغلبته، كما يتبع ذلك بين أهل الجدل والخصومة.
ذلك بأن منهج القرآن الحكيم في دعوته وهدايته، قائم على الحجج القاطعة، والنصائح الرشيدة الهادية، في كل ما دعا إليه، وما جاءَ به .. من وحدانيته تعالى وقدرته، وبعثه الناس ليوم لا ريب فيه {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} (?).