ذاك - لواسع المغفرة والرحمة فيتفضل بإثابتهم على ما صنعوا من هجرة وجهاد وصبر، من بعد فتنتهم وإيقاع العذاب بهم، وفي إضافة الرب إلى ضميره صلى الله عليه وسلم. إشارة إلى إظهار كمال اللطف به، والعناية بشأنه، مع الإشعار بأن إفاضة آثار الربوبية عليهم من المغفرة والرحمة ببركته عليه الصلاة والسلام لكونهم أتباعًا له صلوات الله عليه وسلامه.
{يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (111)}
المفردات:
{تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا}: أي تدافع عن ذاتها بالاعتذار.
التفسير
111 - {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا ... } الآية.
لما ذكر الله تعالى في الآيات السابقة طرفا مجملا من طغيان المشركين، وقسوتهم في تعذيب الضعفاء من المؤْمنين - عقب ذلك بذكر الحساب على الأعمال: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (?) ودفاع كل إنسان عن نفسه، وأن كل مكلف ينال جزاء ما عمل إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر.
والمعنى: اذكر أيها المكلف من الناس - اذكر اليوم الذي تجيءُ فيه كل نفس تدافع عن ذاتها وتعتذر بشتى المعاذير جاهدة في خلاصها يشغلها إلا شأنها من شدة الكرب الذي يحيط بها، حتى تفِر من أقرب الأقربين إليها، كما قال الله جل شأنه: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)} (?).
ومن هول الكرب في ذلك اليوم، يقسم المشركون كاذبين، يقولون: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} (?)، يتبرأ المتبُوعون والتابعون بعضهم من بعض، كما قال جل سلطانه: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ