{ومنهم مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ}: أي لزمته بالقضاء عليه بالكفر إلى موته. لعناده وإصراره على ما اختاره لنفسه من التمسك بالضلال مع وضوح الأدلة الداعية إلى الحق الأبلج. ولم يكن وقوع ذلك عن طريق من طرق القسر والإلجاء كما زعموا.
{فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}: أي فسيروا في أكناف الأرض وأنحائها. أيها المشركون المكذبون الذين قلتم: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ}.
فانظروا معتبرين بما حدث للمكذبين قبلكم من عاد وثمود ومن سلك طريقهم، فإنكم ستشاهدون في ديارهم آثار الهلاك المبيد، والعذاب المستأصل، فاحذروا أَن يحل بكم مثل ما حلّ بهم، وترتيب الأمر بالسير على مجرد الإخبار بثبوت الضلال عليهم، من غير إخبار بحلول العذاب بهم, لأن في أمرهم بالرؤية والمشاهدة لآثار العذاب لمن قبلهم من المكذبين ما يغني عن ذكر حلوله بهم.
{إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (37)}
المفردات:
{تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ}: تجتهد في طلب هداهم.
التفسير
37 - {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ}: هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم لإخباره بأن من سبقت له الضلالة بسوء اختياره، وإفساده استعداده. لا يهديه الله مهما بذلت من جهد في تقويمه، وقدمت من نصح لإشاده بعد أن أضله وفق علمه بسوء اختياره. والمعنى: إن تحرص أيها الرسول على هدى قومك فاعلم أنه تعالى لا يخلق الهداية جبرًا وقسرًا فيمن وجبت له الضلالة بسوء اختياره.