وأَنزل عليه الكتب، وكان مقتضى هذا أَن يقر بوحادنية الله وقدرته، وأَن يبادر بعبادته ولكنه اتخذ هذه المواهب التي أَيده الله بها ليجادل في وحدانية الله ويخاصم الدعاة إِليه إِذ يقول: "مَن يُحْيِى الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ" (?) مع أَنه سبحانه قَوِىٌّ قَهَّارٌ منتقم ممن عصاه، وصدق الله إِذ يقول: "وَهُمْ يُجَادِلُونَ في اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ" (?).

ويصح أَن يكون المعنى؛ خلق الإِنسان من نطفة فإِذا هو منطيق مجادل عن نفسه مكافح للخصوم بعد أَن كان ماءً حقيرًا لا قيمة له ولا وزن - وهذا المعنى أَنسب بمقام الامتنان بإِعطاء القدرة على الاستدلال على الله تعالى.

{وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8)}

المفردات:

(وَالْأَنْعَامَ): الإِبل والبقر والظأْن والمعز. (ترِيحُونَ): يعيدونها من المراعى إِلى البيوت من الرواح وهي العودة إِلى البيوت آخر النهار.

(تَسْرَحُونَ): تطلقون سراحها من الحظائر صباحًا إِلى المراعى الصالحة.

(بِشِقِّ الْأَنْفُسِ): ما يشقُّ عليها ويرهقها ويحملها ما يثقلها من الأَعباء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015