3 - وأن من رحمة الله بخلقه أَنه أسقط لهم المطر يستغلونه فى الشُّرْب وإعداد الطعام وسقي المواشى وزراعة الأرض لتخرج أنواع الثمار والفواكه والبقول وغيرها، ومن نعم الله أيضًا على عباده أنه مهَّد لهم العيش على سطح الأرض، ونظم دورانها حول محورها بصورة تستتبع تعاقب الليل والنهار وهيأ لهم الانتفاع بضوءِ الشمس ونور القمر، والاهتداء فى ظلمات الليل بالنجوم أَثناء الحِلِّ والترحال، كما سخر لهم الانتفاع بالبحار والمحيطات وما تضمه من خيرات، وما تهيئه لهم من سهولة الانتقال بالسُّفن بين شتى البلاد والأقطار، وتظهر آثار حكمته سبحانه فى أنه ثبت الأَرض فى دورانها بالجبال الشامخة حتى لا تميد بما تحمله من العوالم العديدة.
4 - وأن الله سبحانه هو الذي خلق الخلق بحكمته وقدرته وغمرهم بإِحسانه وفضله فهو وحده الجدير بالعبادة فكيف يشركون به أحدًا من خلقه، مع أن نعم الله عليهم لا تحصى ولا تعد، وهو يعلم ما يسرون وما يعلنون، وسيجازى كل إِنسان بما يستحقه من ثواب أو عقاب كما جازى الأُمم السابقة لهم فى الدنيا والآخرة، في حين أَن ما يعبدونهم من دونه لا يستحقون شيئًا من العبادة لفقدانهم أَهليتها، فهم لا يملكون لأنفسهم ولا لسواهم نفعًا ولا ضرًّا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا.
5 - وأن الموت نهاية كل إنسان والناس إزاءَه فريقان: فريقٌ تتوفاه ملائكة العذاب ومصيره إِلى جهنم وبئس المصير، وفريق مؤمن تتوفاه ملائكة الرحمة فتبشره بالثواب الجزيل في الدنيا والآخرة؟ ولقد بعث الله الرسل وأَنزل معهم الكتب فاستجاب لهم فريق وكفر بهم فريق، وسينال كلُّ جزاءه بقدر عمله، والذين هاجروا فى سبيل الله سيشملهم الله برحمته ورضوانه فى الدنيا {وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}.
6 - وبينت السورة أنه تعالى لم يرسل قبل محمد ملائكة حتى يحتجوا بهذا، وإنما أرسل رجالًا أوحى إليهم برسالاته، فهل أمن الكفار أن يخسف الله بهم الأرض جزاءَ كفرهم وعنادهم أَو يصيبهم بعذاب مباغت وهم آمنون، أَفلا ينظرون إِلى الكائنات المنقادة لمشيئته الخاضعة لإرادته سواءُ فى الأرض أم فى السماء، فهو إله واحد لا شريك له، تظهر آثار قدرته وحكمته وإِحسانه على خلقه، وإِن كان بعضهم يقابل الإِحسان بالإساءة والجحود، ويزعم